عوض الرجوب-الضفة الغربية
يحيي فنانون تشكيليون فلسطينيون الذكرى الستين للنكبة بالمنحوتات والرسوم الزيتية التي تحكي بصمت المعاناة وآثارها على الشعب الفلسطيني، وبعيدا عن صخب المهرجانات والكلمات.
من هؤلاء سعيد حلمي -أحد سكان مخيم العروب الواقع في منتصف الطريق بين مدينتي بيت لحم والخليل بالضفة الغربية- وتعود جذور حلمي الذي يحاول إسقاط ما في مخيلته على الحجارة الصامتة واللوحات الفنية، إلى بلدة "عراق المنشية" المهجرة قرب الفالوجة.
الحجارة تتحدث
سعيد حلمي (41عاما) يعمل في منشار للحجر، ونظرا لأن الفن قليل الدخل في الأراضي الفلسطينية، فإنه جعل من النحت هواية يمارسها في أوقات الفراغ والهدوء.
ويقول حلمي إن واقع حياته كلاجئ يعيش في مخيم يعزز لديه آمال العودة، ويحاول من خلال منحوتاته تجسيد آثار النكبة وتلك الآمال، وإعطاء فسحة من الأمل للأجيال القادمة، موضحا للجزيرة نت أنه يستخدم نوعيات معينة من الحجر الفلسطيني لتنفيذ أفكاره، وأن بعض المنحوتات يستغرق إتمامها عدة أسابيع.
ويحتفظ النحات الفلسطيني في أحد أركان مشغله بمنحوتة لخارطة فلسطين، تمثل في بعدها الآخر سيدة فلسطينية حبلى، ترتدي الثوب الفلسطيني وتلبس الغدفة (غطاء الرأس) وتتطلع إلى المستقبل وتعلوها شمس الحرية وأمل العودة.
وهناك منحوتة أخرى هي عبارة عن حلقات ثلاث متصلة، توثق "لثلاث محطات من المعاناة والمذابح التي تعرض لها الفلسطينيون في الأعوام 1936، و1948 و1967، تطوقها أسلاك شائكة ينبعث منها الدم، لكن في النهاية تشرق شمس الحرية وتعود الأرض لأصحابها الأصليين.
ومن خلال منحوتات أخرى رسم الفنان القرى الفلسطينية ومعالمها ومفاتيح العودة وطقوس الحياة الفلسطينية وتراثها قبل اللجوء، وقال إنه من خلال مشاركاته الخارجية يستطيع إيصال رسائل هامة، ذاكرا إحدى مشاركاته في إسبانيا التي أوصل عبرها رسالة مفادها "أن هناك شعبا فلسطينيا يعاني الظلم والاضطهاد والتهجير".
وحلمي ليس نحاتا فقط، بل له باع طويل في الرسم، وتظهر إحدى لوحاته خارطة فلسطين ويبرز منها وجه شيخ فلسطيني هرم، ينظر إلى قريته المدمرة من خلف أسلاك حدود عام 1967، وقلب هذا الشيخ والخارطة هو مدينة القدس النازفة.
رسم التاريخ
على مسافة غير بعيدة من ورشة سعيد حلمي الفنية في المخيم، يقع مقر اللجنة الشعبية، وفيها رسومات للفنان الفلسطيني وديع زكور الذي جسد بريشته تاريخا فلسطينا كاملا.
حيث رسم على جدران مدخل مقر اللجنة الواقع في الطابق الثالث لوحة فنية تمتد يمينا من الطابق الأول حتى المقر، وهذه اللوحة -كما يقول عضو اللجنة فايز سباتين- تجسد الحياة التي كان يعيشها الفلسطينيون قبل النكبة، إذ كانوا يزرعون أراضيهم ويفلحونها ويربون الماشية.
ويضيف سباتين أن اللوحة تستمر إلى أحداث النكبة عام 1948 مرورا باحتلال 1967، وصولا إلى "الانتفاضة الأولى" عام 1987، ثم "انتفاضة الأقصى" وما رافقها من حصار واغتيالات واجتياحات وغيرها، مشيرا إلى أن الأمل الذي يعيش عليه اللاجئون ينبعث من ثنايا هذه اللوحة الممتدة.
المصدر: الجزيرة